السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... .
مساء الورد عليكم ... عسى لحظاتكم مليئة بالخيرات ... .
ونحن نعيش أيام رمضان الأخيرة ( أعاده الله علينا بالخير ) يحتاج المرئ أن يتذكر أمورًا ليقف مع نفسه فيها ... خاطرتنا اليوم تحدثنا عن الصيام الصحيح .. .
كثير من عامة الناس يحافظون على العبادات في أيام رمضان، وكأنهم يستنكرون أن يتركوا العبادتين: الصوم والصلاة، أو يفعلوا عبادة دون عبادة.
فتراهم يستنكرون أن يتركوا الصوم والصلاة، ويستنكرون أن يؤدوا الصوم دون الصلاة، أو يفعلوا شيئًا من المحرمات.
تجدهم في رمضان يتوبون ولكن توبة مؤقتة، فهم في أنفسهم عازمون على العودة إلى المعاصي؛ ففي رمضان يحافظون على الصلاة، ويتوبون عن الخمر أو عن الدخان مثلاً، أو عن الاستماع إلى الأغاني والملهيات ونحو ذلك، أو عن بعض الشعارات الباطلة أو عن الصور الخليعة، أو ما أشبه ذلك، ولكن يحدثون أنفسهم أنهم بعد شهر رمضان سيعودون إلى ما كانوا عليه؛ ولهذا يتمنون انقضاء هذه الأيام، وإذا أقبل رمضان حثوا أنفسهم، وتناولوا ما قدروا عليه من الخمر ومن غيرها، حتى قال بعضهم:
دعاني شهر الصوم لا كان من شهر *** ولا صمت شهرًا بعده آخر الدهر
والعياذ بالله… فهؤلاء ربما يفرقون بين رمضان وما بعد رمضان، فيستكثرون من تناول الحرام وفعله قبل أن يأتي شهر رمضان؛ لأنهم سيتركونه مدة هذا الشهر فقط، ثم يعودون إليه، حتى قال بعضهم:
إذا العشرون من شعبان ولّت *** فبـادر بالشراب إلى النهـارِ
ولا تشرب بأقـداحٍ صغـارٍ *** فإن الوقتَ ضاق على الصغارِ
فمثل هؤلاء لم يتأثروا بصومهم، فالإنسان يستعيذ بالله أن يكون من هؤلاء الذين ما نفعهم صومهم ولا زجرهم عن المحرمات، وإذا فعلوا شيئًا من العبادات فعلوها بنية الترك، وإذا تركوا شيئًا من المعاصي تركوها بنية الفعل بعد أن ينفصل الشهر، كما قال شاعرهم وأميرهم:
رمضان ولّى هاتها يا سـاقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتـاقِ
فهو ينادي ساقي الخمر بأن يأتي إليه بالشراب مسرعًا؛ لأن رمضان قد انقضى وولَّى، وكأن الخمر حرام في رمضان حلال في غيره.
فالصوم الصحيح هو الذي يحفظ فيه الصائم صيامه؛ فيحفظ البطن وما حوى، والرأس وما وعى، ويذكر الموت والبلى، ويستعد للآخرة بترك زينة الحياة الدنيا، ويترك الشهوات التي أساسها شهوة البطن والفرج، ويذكر بعد ذلك ما نهاه الله عنه من الشهوات المحرمة في كل وقت. ويذكر أيضًا أن الصوم هو في ترك هذه الشهوات، فما شرع الله الصوم إلا لتقويم النفوس وتأديبها.
المصدر: كتاب (خواطر رمضانية) للشيخ عبد الله بن جبرين.