السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... .
بكل شوق أضع خاطرتي لهذا اليوم ( متأخرة ) عن الوقت ، فتقبلوها مني ... وعسى إفطاركم كان حلو ياحلوين ... .
د. خالد بن عبد الرحمن الشايع
يحل شهر رمضان في عامنا هذا، والآلام والمصائب في الأمة عديدة، منوعة، زائدة على رمضان المنصرم، فثمة المشردون والجَوعَى، والخائفون والمأسورون، وغيرهم من المُعْدَمِين في أقطار شَتَّى من العالم.
فكيف هو موقفنا من هذه الحال؟
أولاً: ينبغي أن يستشعر العبدُ نعَمَ الله عليه، فمهما كانت حالُه ففي الناس من هو أقل منه راحةً وأكثر بلاءً. وما هو فيه النعمة لا يحصيه، ولا يستطيع مقابلته شكرًا.
ثانياً: إنَّ استشعار المسلم لحال إخوانه يحمله على أن يكون موقفه إيجابيًّا نحوهم، فيؤدي ما يمكنه أداؤه، بالدعاء لهم، وبمدِّ يَدِ العون بما تبرأ به ذمته، سواءٌ أكان ذلك ماديًّا أو معنويًّا.
وهذا من حِكَمِ الصيام العديدة: أن يستشعر المسلم أحوال إخوانه على اختلاف أوضاعهم.
وقد سئل بعض السلف: لِمَ شُرع الصيام؟
قال: ليذوق الغنيُّ طعمَ الجوع فلا ينسى الجائع.
وهذا شيءٌ من حِكَمِ الصوم وفوائده.
وبمثل هذا يتحقق مبدأ الأخوة بين أهل الإسلام، والولاء لهم بما يقدرون نحو بعضهم، ومصداق ذلك قول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ} [التوبة: 71].
وقوله : "مَثَلُ المؤمِنِينَ في تَوَادِّهِم وتَرَاحُمِهِم، كَمَثَلِ الجَسَدِ الوَاحِدِ، إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضوٌ تَدَاعَى له سائرُ الجَسَدِ بالحُمَّى والسَّهر".
وإنَّ مما ينبغي أن يُعْلَم أنَّ رمضان موسم للجود والإحسان، بكل أنواع الإحسان، ولنا في سيد الخلق محمد خيرُ أُسوَة؛ ففي (الصحيحين) عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كان رسولُ الله أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل بالوحي فيدارسه القرآن، فَلَرسول الله أجودُ بالخير من الرِّيح المُرْسَلَة".
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "وهذا التشبيه في غاية ما يكون من البلاغة في تشبيه الكرم بالريح المرسلة، في عمومها، وتواترها، وعدم انقضائها".
قال الإمام النووي -رحمه الله-: "وفي هذا الحديث فوائد منها: بيان عظم جُودِه ، ومنها: استحباب إكثار الجُود في رمضان، ومنها: زيادة الجُود والخير عند مُلاقاة الصالحين، وعقب فراقهم للتأثر بلقائهم".
نسأل الله تعالى أن يَهَبَ لنا من لَدُنِّه رحمةَ، إنه هو الوهاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المصدر: كتاب (قطوف رمضانية) للدكتور خالد بن عبد الرحمن الشايع.