عاش في أسرة فقيرة معدمة لا يجد ما يسد حاجته من الطعام .كان يسير في الشارع مرتديا ثوبا اجتمعت فيه كل الألوان .لم يخجل من ذلك وكيف يخجل وهو لايملك لا هو ولا أسرته ثمنا لثوب جديد يرتديه .كان فخورا بنفسه بثوبه الملون .كان يسمع الاستهزاء من زملائه في الشارع وفي المدرسة . ولكن لم يغيره ذلك ولم يؤثر فيه الى درجة الضياع والتشرد بل العكس كان ذكيا وطموحا .كان يحلم بأحلام كبيرة منها شراء ثوب جديد له .
وقت قصير جدا ان تحقق ذلك لانه كان يعيش عدة أعوام مرتديا ذلك الثوب المرقع .يرتديه في الصيف في الشتاء حتى في الأعياد يرتديه بعد أن تزينه له والدته بلون جديد آخر يشكل مع الألوان الأخرى منظرا تشكيليا لا تستطيع يد أي فنان أن ترسمه .كان يخطو بخطوات تعبر عن الجدية والاحساس بالمسؤولية فهو فقير وأهله فقراء فماذا يفعل؟ وكيف يصل إلى ما يريد ؟كان يذهب إلى المدرسة وهو لا يحمل أي نقود أو أي شيء يأكله في وقت الفسحة المدرسية.كم من ليلة نام وهو يتلوى من اثر الجوع .فلا يوجد في منزله ثلاجة لحفظ الطعام فطعام اسرته دائما طازج وبطونهم هي مكان حفظ الطعام .غيّر مسار حياته.. اصبح يمارس التجارة .تجارته الخاصة .بيع الحلوى والالعاب الصغيرة بعد انتهائه من المدرسة .ربح بعض المال في فترة قصيرة شعر بالسعادة والفرحة و بأنه فعل شيئا .كان لايهمه نفسه فقط بل كان ما يربحه من نقود يعود مسرعا به ليعطيها لأمه الحنونة .كان يشعر بأنها هي التي تستحق كل ذلك .لانها كانت الأم والأب في وقت واحد .كانت أمه التي سعدت به لدرجة أنها أصبحت تعامله كرجل وهو لايزال صغيرا .حرم من اللعب مع زملائه .
تحمل المسؤولية في صغره وكان اهلا لها .مع مرور الوقت زاد رصيده فاشترى ما كان ينقصه من حاجيات كان يحلم بها .كان يوم عيد بالنسبة له عندما ذهب إلى المدرسة ولأول مرة مرتديا ثوبه الجديد الذي اشتراه بعرقه وبماله الخاص و أيضا بحذائه الجديد .كان يشعر بالسعادة وهو يرى أن بعضا من احتياجاته الضرورية هو وأسرته قد تحققت لهم .نام تلك الليلة وهو سعيد .نام وقد ارتسمت على شفتيه الذابلتين ابتسامة الرضا والقناعة وذلك لانه لاول مرة ينام وهو قد شبع من الطعام فلقد قهر الجوع وانتصر على ظروفه وظروف اسرته بالصبر والعزم والإرادة