انطلق الموكب ...وهاهي المواكب تقترب وهاهي الجنة قد أزلفت قال تعالى {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد} ما حجم أشواقك المنبعثة وأنت تتجه نحو دار السلام . ومنادي الحق ينادي {لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون }... إنها الجنة. فوا عجبا نام طالبها؟ وكيف لم يسمح بمهرها خاطبها ؟ وكيف طاب العيش هذه الدنيا بعد سماع أخبارها ؟ وكيف قر للمشتاق القرار دون معانقة أبكارها وحورها؟ وكيف قرة دونها أعين المشتاقين ؟
المبارك قال تعالى {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها } .. وطابوا وسروا وفرحوا .. وقد كانوا يرونها في موقف العرض .. والبيان القرآني يصف حالهم وحالها وصف دقيقا حينها فيقول ربي ـ عز وجل {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد } ..فالآن قد جاؤوها فماذا . سيعتريهم من البشر والسرور والسعادة أفلا تسأل عن مقدار سعادتهم وأنسهم
هناك جاؤوا والأبواب قد فتحت لهم استقبالا وحفاوة .. فتحت قبل أن يصلوا لكرامتهم على الله تعالى . فتحت لهم أبوابها كما تفتح الخدم باب المنزل للضيف عند قدومه , وتقف له منتظرة حضوره فرحا واستبشارا ...قال تعالى { جنت عدن مفتحة لهم الأبواب }....
وقف موكب المتقين عند باب من أبواب الجنة .. هناك رأوا منظرا لا يقوم له بصر في حسنة ورونقه... فيستفتح فيفتح له صلى الله عليه وسلم فيدخل ثم بعده أول زمرة أخبر عنها صلى الله عليه وسلم على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ثم تتوالى الوفود وعلى الباب رضوان خازن الجنة والملائكة الكرام.
**وعند باب الجنة شجرة عظيمة ينبع من أصلها عينان . عين للشراب وعين للغسل.
فيشرون من الأولى : فتجري فـيهم نظرة النعيم قال تعالى { فيهما عينان تجريان}
قال تعالى {تعرف في وجوههم نظرة النعيم , يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك } فأذهب ما في بطونهم من أذى وقذى وبأس .. وهكذا طهروا أجسادهم من داخلها من الأوضار المادية والمعنوية قال تعالى { وسقاهم ربهم شرابا طهورا }.
فيا سعدهم وقد طهرت أبدانهم من الخارج فجرة عليهم نظرة النعيم .. فلن تتغير بشرتهم أبدا, ولن تشعث رؤوسهم أبدا, ....أي نعيم عظيم يحدث لهم وهم يدخلون الجنة بعد أن تنقى أروحهم تطهر أنفسهم من الغل والحسد والبغضاء
** ثم يلبسون ثياب أهل الجنة :استعداد لذهاب لقصورهم التي أعدها الله عز وجل لهم.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم {فقال يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقا تخلق أم نسجا تنسج فضحك بعض القوم الجالسين :فقال صلى الله عليه وسلم ,ومما تضحكون من جاهل سأل علما ثم أكب صلى الله عليه وسلم ,ثم قال أين السائل فقال هذا أنا يا رسول الله قال لا بل تشقق عنها ثمار الجنة }
**هاهم وفود الرحمن يتنعمون من نعيم إلى نعيم . فيتجهون إلى منازلهم فعلى أي أرض يمشون على أي تربة يطؤن على تربة المسك والزعفران قال صلى الله عليه { دخلت الجنة البارحة فنظرة فيها فإذا جعفر رضي الله عنه يطير مع الملائكة وإذا حمزة متكئ على سرير من سر الجنة}
قال صلى الله عليه وسلم (ترابها الزعفران وطيبها المسك وحصبائها اللؤلؤ والياقوت)
وأرضها تشبه الدرمك وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه لصفرة من لينها ونعومتها ..فيا للبهجة والإشراق لون الزعفران . والرائحة رائحة المسك ..
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مــسكــنها *** وإن بناها بشر خاب مــسكنـة
واعمل لدار البقاء رضوان خازنها *** الجار أحمد والرحمن بانـيـهـا
أرض لها ذهب والمسك طيبـها *** والزعفران حشيش نابت فيها
يا الله! ما أشد شوقهم ... لذلك قبل قليل ... لربما كنت تعاني الخوف من النار وسمومها والصراط وتغيظ جهنم تحته ... وعطشا طويلا ...فها أنت ذا تجد لذة الماء بين جوانحك وفي جسدك.تذكر ذلك واهتف خاشعا منيبا.اللهم فاجعلني في الأسبقين . يا أرحم الراحمين.
*** الاحتفال بأولياء الله عز وجل ..
ثم تواصل المواكب المهيبة تقدمها إلى أبواب الجنة فـ (( تلقـتهم الملائكة على أبواب الجنة )) مهنئين حتى (( انتهوا إلى خزنة الجنة)) فأعادوا عليهم خزنة الجنة التحية السابقة التي قدموها لهم عند القنطرة .. أعادوها حبا وإجلالا وإشادة .. قال تعالى {سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين}...
وبمجرد أنهم وصلوا عتبة باب الجنة ترفع لهم خزنة الجنة شعارات الاستقبال الفخمة المطمئنة , وتسمعهم ما هو أجمل من الأهازيج المطربة, فتقول لهم {سلم عليكم} .... ويبدأ الترحيب, إنه التلقي هل تفهم منه شيئا غير السلام والعناق .. كقادم من السفر البعيد لابد من العناق حتى يكون التلاقي حب فاق ,..هذا لقاء الأشواق , فاطمئنوا لن تروا كربا بعد الآن .. قروا عينا بذلك .. ذهبت أهوال القيامة وعرصاتها , لن تؤاخذوا بشي من تفريط أو تقصير أو عصيان ولو حدث منكم في سالف الزمان ..
يا أهل الجنة طبتم في الدنيا بطاعة الله .. وتأهلتم بطيبكم لتدخلوا جنة الله عز وجل
يا هناء الدخول أسعد روحي *** راق عيشي بقرب ربي وطابا
(( إن الله عز وجل ليدعوا الجنة يوم القيامة فتأتي بزخرفها وزينتها ))
*وعند أبواب الجنة كان ينتظرهم الولدان قال تعالى {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا}من جمالهم , وحسنهم , وبهائهم , وحسن ملابسهم ,وإذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم , كأن هؤلاء الخدم بانتظارك وما إن رأوك حتى انطلقوا إليك ... هاهم يتسابقون .. يتلقونك يطوفون بك يسلمون عليك .. ويقبلونك .. فتأمل في مشهد الفرحة العجيب الذي أنت نجمه, وتتكلم أفواههم بكل عبارة خير , وتحية بشر , يبادرونك بالتبشير
فيقولون :(أبشر! بما أعد الله من الكرامة لك .. أبشر قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا )
يفتحون شهيتك بأقوالهم العذبة وأخبارهم التي تسرك عند سماعها ..
وفي حركة مفاجئة : ولد ذكي من الولدان يسبقك ليخبر أهلك :
وفي غمرة الفرح ينطلق غلام ذكي منهم ... ينسب من بينهم إلى ملكك الكبير ليبر أهلك مملكتك , ويفوز ببشارة وصولك من أهلك الذين ينتظرونك .. ويخص أزواجك من الحور العين بالإخبار.. نعم تأمل المشهد وادع لنفسك بكل خير : يدخل عليها وهو يتحاذق , والبشر على محياه , .. فيقول ـ بلهجتنا (( يبدو والله أعلم أن عندي خبر سار لكم أهل البيت )) ويسرب الخبر بأسلوب الفرح , وابتسامته العذبة , ثم يقول ((قد جاء فلان . باسمه الذي يدعى به في الدنيا) فتأخذ منهن البشرى كل مأخذ قبل أن ينطق .. فهن ينتظرن منذ خلقهن الله عز وجل شخصا واحدا .. ولا تكون البشرى إلا به فهل تتأمل عيني الغلام عندها وحركته متحاذقا , وعيني أهلك من الحور العين وهن لا يدرين ماذا يقلن فرحا واستبشارا.. ومن شدة فرحها ـ تقول له كأن قولها جاء من غير وعي لشدة فرحهاـ تقول له ـ ((أنت رأيته؟ أمعقول ؟ .. بعد كل هذا الانتظار للراحة الأبدية ..جاء.بما تتغنى زوجك من الحور العين عندها .. بم تترنم .. كم كم انتظرتك وأنت في الدنيا , حتى أنها تدافع عنك إذا آذتك زوجتك من نساء الدنيا (( فتقول : لم تؤذيه؟ قاتلك الله !يوشك أن يفارقك ويأتي إلينا )) تدعوا على زوجتك من نساء الدنيا:حبا فيك, وغيرة عليك أن تغضب أو تؤذى ... وهي الآن تسمع بشرى وصولك ..... تسأل سؤال فرح وتعليل للنفس لا سؤال تأكيد واستيقان .. فإن ولدان أهل الجنة لا يكذبون .. فتقف على أسكفة بابها, تخرج فرحة , مرحة , طربه , وهنا المفارقة المفرحة لا تستطيع الخروج أكثر لأنها وصاحباتها{ حور مقصورات في الخيام }فمن فرحها خرجت , ومن نقائها وقفت ,.
* ثم تتابعدت المبشرات نداء الحق لأهلي الجنة بأجمل بشارة يسمعها منذ عرف الوجود ودان للمعبود قال تعالى {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}
تدخ ل الجنة أنت وزوجتك المسلمة البتول الودود التي كانت لك نعم العون على دينك
*** هيئة هؤلاء وهم يدخلون الجنة ..
* اندهاش خزنة الجنة من هذا الفوج السابق ..
وبعد الاستقبال الحافل من الخزنة ثم الولدان المخلدين لموكبك الرحيب .. تبدأ وصحبك الأخيار كل في موكبه , فتدخلون ولكن شاهد منظرك , مقدار حسنك ربما على المرايا المبثوثة هنا وهناك .. انظروا إلى بعضكم بعد أن جرت عليكم نظرة النعيم وتقلب طرفك لترى وجهك في وجه أخيك من شدة الصفاء , وترى نفسك في المرايا المنتشرة هنا وهناك فما ترى إلا وجوها نضرة ضاحكة مستبشرة ... ثم تعيد النظر في وجوه أصحابك ... فما ترى ؟ إن كل شيء يغيب فلا ترى في الوجه إلا الجمال المحض , والصفاء الخالص قال تعالى {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} فوجوههم مزهرة , وأفواههم ضاحكة , وأفئدتهم مستبشرة . وانتم في جميع حالاتكم متقابلون .. على أشرف أحوال الاجتماع قال تعالى { لا يمسهم فيها نصب}فأنتم مع هذا الجمال والنعيم لا يمسكم أي نصب ولا هم . فإنكم تدخلون الجنة (جردا , مردا , بيضا ,جعادا , مكحلين , أبناء ثلاث وثلاثين ,وهم على خلق اْْدم : ستون ذراعا في السماء في عرض سبعة أذرع )
* نداء الجليل المتعالي لهم وهم يدخلون الجنة :
قال تعالى {ادخلوها بسلام امنين } وقال عز في علاه {ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود }
ويكرر النداء كتكرير أهازيج الأفراح, وزغاريد الأعراس يكرر وأنتم تساقون إلى الرحمن.
يكرر لأنكم سلمتم من عذاب الله عز وجل فسلم عليكم الجبار عز وجل ...
*** لا تحتاج إلى من يدلك على مملكتك فأنت تعرف طريقك إليها ,
ها نحن موكب زمرة أهل الجنة وقد اجتازت عتبات الباب .. هنا تنفصل موكب أهل الجنة الداخلين إذ بتقدم كل واحد مع موكبه من الملائكة والخدم نحو مملكته الخاصة من قصور وبساتين وأنهار .. وعندها يتقدمون قال تعالى {يهديهم ربهم بإيمانهم }إذيقذ في قلوبهم مكان مملكة كل واحد في الجنة بالتحديد ..
وبماذا حلف صلى الله عله وسلم{فوا لذي نفس محمد بيده لأحدكم بمسكنة في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا } قال تعالى { سيهديهم ويصلح بالهم , ويدخلهم الجنة عرفها لهم} عرف لهم مواضعها وأماكنها حتى قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا ...
*** أبواب الجنة التي تفتح وتغلق تلقائيا :
والآن وقد أصبحت في دار المقامة , في جنات عدن ..وأرت أن تذهب لقصرك ستراها مفتحة تصور هذا إنما قال سبحانه {مفتحة}.. ولم يقل سبحانه مفتوحة لأنها تنفتح بالأمر
أو مجرد التقدم لا بالمس .. قال الحسن (تكلم : انفتحي فتنفتح , انغلقي فتنغلق .. فأبوابها تنفتح لهم بغير فتح سكانها إياها ) هكذا كانت مسألة الفتح الآلي للأبواب معلنا عنها القران قبل أن تصل للبشر ..
وهي دار الأمن والسلام فلا تحتاجون فيها إلى غلق الأبواب كما كنتم في الدنيا إلا أن الفتح والإغلاق لتلذذ والتنعم .....
** أيا خاطب الجنة هاهنا راحة الأجساد تجنيها بلذة العبادة **
*** قصور ومنازل أهل الجنة ........
وأول نظرة منك كانت إلى أساسات قصور هذه المملكة وكيف بنيت , كما يفعل أهل الدنيا في الدنيا , يطمئنون على أساسات البناء .. ويصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه اللحظات المثيرة فيقول (( فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنائه فإذا هو جندل . اللؤلؤ .. فوقه صرح أخضر, وأصفر , وأحمر, ومن كل لون )) .. أقرب ما يكون إليك هذا الجمال البديع الذي لا يوصف , منظر طيف الألوان الذي وقد كسا السماء بعد المطر.
* ونظر إلى سقفه فهو واجهة القصر ومنبع زينته , ومكمن جماله .. (( ثم رفع رأسه فنظر فيه فإذا مثل البرق )) يتميز بلون شديد اللمعان .. من جماله وبريق لونه , وشدة صفائه , فلولا أن ثبت الله عز وجل بصرة لذهب من شدة لمعانة وجماله ..
*** رائحة قصورها :ــ
والقصور التي يحلون فيها لها رائحة جميلة لا توصف تتجدد بالمسك قال تعالى: {فيهما عينان نضاختان } قال انس رضي الله عنه : {نضاختان}أي بالمسك والعنبر
تنضخان على دور أهل الجنة كما ينضح المطر على دور أهل الدنيا ..
* قصورك وترتيب الغرف بداخلها ...
وفي قصر من قصورك البديعة رأيت عدة خيام .. قف لا تضنها خيمة كخيام الدنيا , فإنها تختلف , عنها شكلا ومضمونا فإن (الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا )) ,
وتطوف عليها لتجد (( في كل زاوية منها .. أهل يطوف عليهم ..لا يراهم الآخرون .))
والغرف مبنية بناء حقيقا على أجمل نسق .. فإن ربي عز وجل يقول ..{لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية } فأخبر أنها غرف فوق غرف .. وتظهر والله أعلم كأنها غرف مستقلة وليست بناء لأدوار يرى مجموعها ولا ترى أفرادها , وكأن لهم
منازل مرتفعة , وفوقها منازل أرفع منها ..وفي هذا إشعار بسعة عظيمة من المساحة التي للقصور
* وبعض الغرف (يرى ظهورها من بطونها ) .. (وبطونها من ظهورها ) .. وارقب نموذج مصغرا لها في البيوت الزجاجية التي يتنافس عليها أهل الدنيا .. هذه في الدنيا فكيف بما أعد الله لعباده المصطفين في العقبى ؟....
*** بناؤها وخيامها :
* بناء الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملا طها المسك .. كما أخبر صلى الله عليه وسلم ( لبنة ذهب ولبنة فضة , وملاطها المسك الأذفر ـ طينتها التي بين لبناتها المسك الذي اشتدت رائحته ـ .. وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت .. وغرفها يرى داخلها من خارجها وخارجها من باطنها)..قال تعالى{لكن الذين اتقوا ربهم,لهم غرف من فوقها غرف مبنية}
*ومن مساكنها الخيام : وللمؤمن من خارج قصره خيمة ليست من قماش ولا من جلد إنما من لؤلؤ مجوف قال صلى الله عيه وسلم { إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا وعرضها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون }
** (( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من الشرق أو المغرب ))
(( وإنها كما أخبر صلى الله عليه وسلم . لرجال اْْْْْْْْْْْْْمنوا بالله وصدقوا المرسلين ))
فهل من مشمر للجنة إنها الأعمال الصالحة يا إخوان
** ولنتابع لحظت اللقاء وهو داخل إلى قصره ..فما إن متع نظره بالخارج حتى دخل إلى داخل قصره .. ليشهد الأثاث الجاهز . وليتمتع . برؤية أهل الدار , وليستلذ بالنظر إلى أزواجه .. (فلما طأطأ رأسه فنظر إلى أزواجه) . يا قرة العين . ويا لذة النفس .. ولشوق النفوس بهن .. وأنس الأرواح بدلهن وجمالهن , وهيجان القلوب بالسكنى معهن دوره في الوصف .. فلنتركه الحديث عنهن الآن فسيمر علينا وصفهن لاحقا ....
قال تعالى {وسارعوا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
إذا دخلتم الجنة رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله . يا خيبة المتحسرين . ثم يقال لكم معاشر أهل الجنة : فل ترثوهم بما كنتم تعملون. فتقسم بين أهل الجنة منازلهم .قال تعالى{وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}
*** خدمة الولدان .. من أعظم النعيم في الجنة :
** ولا تدري بأي نعيم تلتذ, وأي صور من صوره يصرف نظرك :أهي الكؤوس , أم ما فيها من شراب يمتع النفوس , أم من يقدمها من الخدم .. فإن الذي يطوف عليهم بها هم أولاد قال تعالى { ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا } ..
* ولدان خدام باقون على ما هم عيه من الشباب , والغضاضة والحسن .لا يتغيرون عنها
على مرور الأزمنة على حالة واحدة لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ..وتتأمل في لباسهم , فتراهم مسورين مقرطين , وتتبع بصرك فتراهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة , وكثرتهم , وصباحة وجوههم , وحسن ألوانهم , تظنهم لؤلؤا منثورا , متفرقا في ساحات المجلس , واللؤلؤ إذا نثر على بساط كان أحسن منه منظوما..
*** قال تعالى { لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد }
وفي جلسة على الأرائك بين النمارق المصفوفة والأكواب الموضوعة .. وأحيانا وأنت تتنزه في بساتينك بين الرياض النضرة ... وأحيانا وأنت مع أصحابك .. تفكر بنعيم جديد
تشتهيه وتطلبه ومع توالي المشتهيات .. وتوفر سائر الملذات .. فكرت فماذا يوجد في الجنة غير ذلك ؟.. يأتيك الجواب بطرحه خاطرك .. أو تذكره لك خدمك : قال تعالى{ لهم ما يشاءون فيها } فهما اخترتم وجدتم ..من أصناف الملذات . ((حتى إن من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : (ماذا تريدون فأمطره لكم فلا يدعون بشي إلا أمطرتهم )
تمتع بعض رواة هذا الحديث بذلك واستلذ حتى قال: لئن أشهدني الله تعالى ذلك لأ قولن
أمطرينا جواري مزينات )) ......
* أتتمنى لحم طير ؟ إنك لتشهي الطير في الجنة فيخر بين يديك مشويا إذا اشتهيته ...
*(( إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله , ووضعه , وسنه ,في ساعة واحدة كما يشتهيه )) قال تعالى { فيها ما تشهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون}..
قال تعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا}..
*** والجنة جنة عالية , رفيعة قصورها , حسان حورها , نعيمة دورها , دائم حبورها ,
قال تعالى { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون }...
قال صلى الله عليه وسلم ( موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الجنة وما عليها ) ..
ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس ضوء
النجوم) ......
*** ويكفي أن تعلم سعة مملكتك بعلمك أن .... ؟
(( أن أدنى أهل الجنة لينظر في ملكة ألفي سنة .. يرى أقصاه كما يرى أدناه .. ينظر لأزواجه وخدمه )) قال تعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبير}..
وهناك نعيم لا يمكن أن تدركه هنا بل في الجنة تهيأ لإدراكه هناك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ...
وما إن وصلت إلى مكان يمكنك أن ترى سقف الجنة فأعطيت ذلك .. نظرت فلم تستطع الإحاطة بكنهه اتساعا , وعلوا , وجمالا , ... وأخبرت أنه سقف الرحمن ...وإذا كانت المخلوقات كلها بالنسبة إليه كحلقة ملقاة في فلاه. فسبحان خالقه الذي يعلم طوله وعرضه.
فسر في الطريق المستقيم إلى العلا
على الصدق والإخلاص والبر والتقى
وإيـاك والـدنـــيا الغــرور فـإنـها
متاع قــلـيل مالها أبدا بــــــــقــــا
*** قال تعالى { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا }
*** سررها التي يتكئون عليها و فرشها وبطائنها:ـ
*وفيها فرش وبطائن وزرابي قال تعالى { متكئين على فرش بطائنها من إستبرق}
عن عبد الله قال (هذه البطائن خبرتم بها كيف بالظواهر) .
* وفيها سرر مرفوعة متكئين عليها متقابلين تمشي بالمؤمن حيث شاء من الجنة..
قال تعالى{ فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة } والنمارق :هي الوسائد .والزرابي البسط .
تراهم هناك متكئون { على سرر موضونة } {متكئين عليها متقابلين }...
متكئين على سرر منسوجة بالذهب واللؤلؤ .. ومشبكة بالدر والياقوت والزبرجد ..وهي مأخوذة من السرور .. فهي للمترفين من ذوي النعم . ثم نظرت إليها فإذا هي مرفوعة عن الأرض . فأنتم بها في رفعة حسية , وعلو معنوي ونفسي . وكرامة تامة . وإنما كانت مرتفعة ارتفاعا عظيما ليرى ولي الله ومن معك ما آتاك الله عز وجل من ملك فتسير فيه بين أوديته وأشجاره وأنت على سريرك تقطف الثمر وتشرب الماء وتشتهي الطير فيخر بين يديك مشويا تأكله وأنت تطوف بهذه السرر أنت ومن معك من صحب أو زوجات , يا متقابلين عليها إنها وجوه بعضها إلى بعض ليس أحد وراء أحد .. من حبهم ولهفتهم وشوقهم إلى أصحابهم .. فكيف يكون الأمر مع أهاليهم ؟ راحة وخلو بال من الهموم والمشاغل .. , وفي طمأنينة على ما هم فيه من نعيم , لا خوف من فوته ولا نفاذه , {يطوف عليهم ولدان مخلدون }{ بأكواب وأباريق وكأس من معين }...
*** لحم الجنة وطيورها !.........
ثم قدمت لك المائدة بأطايب الطعام وألوانها مما لم يعهد وكان من أبرز ذلك ما اشتهيت من لحم ضأن , وقد تقول معها ما وصفه الله عز وجل {ولحم طير مما يشتهون } . وتعجبت منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يصفها فيقول : (( إن طير الجنة كأمثال البخت يرعى في شجر الجنة )) .. وقد أدهشك ما رأيت من نعومة هذه الطير حتى أن أبا بكر الصديق لما سمع وصفها أعلن دهشته وقال : يا رسول الله إن هذه لطير ناعمة !.. فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بما يبشرك ويسرك ويشوقك ويمتعك :
(( إن آكلها أنعم منها .. إن آكلها أنعم منها .. إن آكلها أنعم منها , وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر)هكذا يكرر النبي صلى الله عليه وسلم وصفه لمدى نعومة آكلها... وتابعة هذه الطيور وهي ترفرف وتشد الأبصار بجمالها , وتنوع ألوانها , فإذا هي تحط على نهر الكوثر ... النهر الذي تراه أمامك (( أشد بياضا من اللبن , وأحلى من العسل ))
ولكن بصرك ينشد مع الطير فإذا هي (( أعناقها كأعناق الجزر)).. فيا لنعومتها , وكما أن الثمار دانية فكذلك هذه الطيور التي تراها فتود من جمالها ونعومتها أن تأكلها فورا فإذا هي تجري لتقع بين يديك مشوية ..فكلوا هنيئا مريئا .. كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى (إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا ) .. فأي نعيم هذا؟!...
** ما أعلى أهل الجنة منزلة ؟!
سأل موسى عليه السلام وطلب من ربه تعالى أن يصف له منزلة أعلى أهل الجنة قال الله عز وجل له : (( أولئك الذين أرت .. غرس كرامتهم بيدي , وختمت عليها .. فلم تر عين,
ولن تسمع أذن , ولم يخطر على قلب بشر .. )) قال تعالى { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }...........
قال تعالى {ومن يطع الله والرسول فؤلئك مع الذين أنعم الله عيهم من النبيين والصديقين والشهداء والصلحين وحسن ألئك رفيقا {79} ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما }
***وقفة مع قصة النجدي وصاحب الأبواب السبعة في السماء:ــ
** جاء في قصة النجدي أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد فأخذ يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ أصحابة يبعدونه عنه فقال صلى الله عليه وسلم دعولي النجدي فالذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة : قال فلقوا العدو فاستشهد ذلك النجدي فأخبر بذلك النبي صلي الله عليه وسلم فأتاه فقعد عند رأسه مستبشرا و قام مسرورا يضحك . ثم أعرض عنه . فقلنا يا رسول الله رأيناك مستبشرا تضحك ثم أعرضت عنه قال . أما ما رأيتم من استبشاري قال من سروري مما رأيته من كرامة روحة على الله .وأما أعراضي عنه فإن زوجته من الحور العين الآن عند رأسه .
اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم
المبارك قال تعالى {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها } .. وطابوا وسروا وفرحوا .. وقد كانوا يرونها في موقف العرض .. والبيان القرآني يصف حالهم وحالها وصف دقيقا حينها فيقول ربي ـ عز وجل {وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد } ..فالآن قد جاؤوها فماذا . سيعتريهم من البشر والسرور والسعادة أفلا تسأل عن مقدار سعادتهم وأنسهم
هناك جاؤوا والأبواب قد فتحت لهم استقبالا وحفاوة .. فتحت قبل أن يصلوا لكرامتهم على الله تعالى . فتحت لهم أبوابها كما تفتح الخدم باب المنزل للضيف عند قدومه , وتقف له منتظرة حضوره فرحا واستبشارا ...قال تعالى { جنت عدن مفتحة لهم الأبواب }....
وقف موكب المتقين عند باب من أبواب الجنة .. هناك رأوا منظرا لا يقوم له بصر في حسنة ورونقه... فيستفتح فيفتح له صلى الله عليه وسلم فيدخل ثم بعده أول زمرة أخبر عنها صلى الله عليه وسلم على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة ثم تتوالى الوفود وعلى الباب رضوان خازن الجنة والملائكة الكرام.
**وعند باب الجنة شجرة عظيمة ينبع من أصلها عينان . عين للشراب وعين للغسل.
فيشرون من الأولى : فتجري فـيهم نظرة النعيم قال تعالى { فيهما عينان تجريان}
قال تعالى {تعرف في وجوههم نظرة النعيم , يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك } فأذهب ما في بطونهم من أذى وقذى وبأس .. وهكذا طهروا أجسادهم من داخلها من الأوضار المادية والمعنوية قال تعالى { وسقاهم ربهم شرابا طهورا }.
فيا سعدهم وقد طهرت أبدانهم من الخارج فجرة عليهم نظرة النعيم .. فلن تتغير بشرتهم أبدا, ولن تشعث رؤوسهم أبدا, ....أي نعيم عظيم يحدث لهم وهم يدخلون الجنة بعد أن تنقى أروحهم تطهر أنفسهم من الغل والحسد والبغضاء
** ثم يلبسون ثياب أهل الجنة :استعداد لذهاب لقصورهم التي أعدها الله عز وجل لهم.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم {فقال يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقا تخلق أم نسجا تنسج فضحك بعض القوم الجالسين :فقال صلى الله عليه وسلم ,ومما تضحكون من جاهل سأل علما ثم أكب صلى الله عليه وسلم ,ثم قال أين السائل فقال هذا أنا يا رسول الله قال لا بل تشقق عنها ثمار الجنة }
**هاهم وفود الرحمن يتنعمون من نعيم إلى نعيم . فيتجهون إلى منازلهم فعلى أي أرض يمشون على أي تربة يطؤن على تربة المسك والزعفران قال صلى الله عليه { دخلت الجنة البارحة فنظرة فيها فإذا جعفر رضي الله عنه يطير مع الملائكة وإذا حمزة متكئ على سرير من سر الجنة}
قال صلى الله عليه وسلم (ترابها الزعفران وطيبها المسك وحصبائها اللؤلؤ والياقوت)
وأرضها تشبه الدرمك وهو الخبز الصافي الذي يضرب لونه لصفرة من لينها ونعومتها ..فيا للبهجة والإشراق لون الزعفران . والرائحة رائحة المسك ..
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها *** إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مــسكــنها *** وإن بناها بشر خاب مــسكنـة
واعمل لدار البقاء رضوان خازنها *** الجار أحمد والرحمن بانـيـهـا
أرض لها ذهب والمسك طيبـها *** والزعفران حشيش نابت فيها
يا الله! ما أشد شوقهم ... لذلك قبل قليل ... لربما كنت تعاني الخوف من النار وسمومها والصراط وتغيظ جهنم تحته ... وعطشا طويلا ...فها أنت ذا تجد لذة الماء بين جوانحك وفي جسدك.تذكر ذلك واهتف خاشعا منيبا.اللهم فاجعلني في الأسبقين . يا أرحم الراحمين.
*** الاحتفال بأولياء الله عز وجل ..
ثم تواصل المواكب المهيبة تقدمها إلى أبواب الجنة فـ (( تلقـتهم الملائكة على أبواب الجنة )) مهنئين حتى (( انتهوا إلى خزنة الجنة)) فأعادوا عليهم خزنة الجنة التحية السابقة التي قدموها لهم عند القنطرة .. أعادوها حبا وإجلالا وإشادة .. قال تعالى {سلم عليكم طبتم فادخلوها خالدين}...
وبمجرد أنهم وصلوا عتبة باب الجنة ترفع لهم خزنة الجنة شعارات الاستقبال الفخمة المطمئنة , وتسمعهم ما هو أجمل من الأهازيج المطربة, فتقول لهم {سلم عليكم} .... ويبدأ الترحيب, إنه التلقي هل تفهم منه شيئا غير السلام والعناق .. كقادم من السفر البعيد لابد من العناق حتى يكون التلاقي حب فاق ,..هذا لقاء الأشواق , فاطمئنوا لن تروا كربا بعد الآن .. قروا عينا بذلك .. ذهبت أهوال القيامة وعرصاتها , لن تؤاخذوا بشي من تفريط أو تقصير أو عصيان ولو حدث منكم في سالف الزمان ..
يا أهل الجنة طبتم في الدنيا بطاعة الله .. وتأهلتم بطيبكم لتدخلوا جنة الله عز وجل
يا هناء الدخول أسعد روحي *** راق عيشي بقرب ربي وطابا
(( إن الله عز وجل ليدعوا الجنة يوم القيامة فتأتي بزخرفها وزينتها ))
*وعند أبواب الجنة كان ينتظرهم الولدان قال تعالى {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤ منثورا}من جمالهم , وحسنهم , وبهائهم , وحسن ملابسهم ,وإذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم , كأن هؤلاء الخدم بانتظارك وما إن رأوك حتى انطلقوا إليك ... هاهم يتسابقون .. يتلقونك يطوفون بك يسلمون عليك .. ويقبلونك .. فتأمل في مشهد الفرحة العجيب الذي أنت نجمه, وتتكلم أفواههم بكل عبارة خير , وتحية بشر , يبادرونك بالتبشير
فيقولون :(أبشر! بما أعد الله من الكرامة لك .. أبشر قد أعد الله لك من الكرامة كذا وكذا )
يفتحون شهيتك بأقوالهم العذبة وأخبارهم التي تسرك عند سماعها ..
وفي حركة مفاجئة : ولد ذكي من الولدان يسبقك ليخبر أهلك :
وفي غمرة الفرح ينطلق غلام ذكي منهم ... ينسب من بينهم إلى ملكك الكبير ليبر أهلك مملكتك , ويفوز ببشارة وصولك من أهلك الذين ينتظرونك .. ويخص أزواجك من الحور العين بالإخبار.. نعم تأمل المشهد وادع لنفسك بكل خير : يدخل عليها وهو يتحاذق , والبشر على محياه , .. فيقول ـ بلهجتنا (( يبدو والله أعلم أن عندي خبر سار لكم أهل البيت )) ويسرب الخبر بأسلوب الفرح , وابتسامته العذبة , ثم يقول ((قد جاء فلان . باسمه الذي يدعى به في الدنيا) فتأخذ منهن البشرى كل مأخذ قبل أن ينطق .. فهن ينتظرن منذ خلقهن الله عز وجل شخصا واحدا .. ولا تكون البشرى إلا به فهل تتأمل عيني الغلام عندها وحركته متحاذقا , وعيني أهلك من الحور العين وهن لا يدرين ماذا يقلن فرحا واستبشارا.. ومن شدة فرحها ـ تقول له كأن قولها جاء من غير وعي لشدة فرحهاـ تقول له ـ ((أنت رأيته؟ أمعقول ؟ .. بعد كل هذا الانتظار للراحة الأبدية ..جاء.بما تتغنى زوجك من الحور العين عندها .. بم تترنم .. كم كم انتظرتك وأنت في الدنيا , حتى أنها تدافع عنك إذا آذتك زوجتك من نساء الدنيا (( فتقول : لم تؤذيه؟ قاتلك الله !يوشك أن يفارقك ويأتي إلينا )) تدعوا على زوجتك من نساء الدنيا:حبا فيك, وغيرة عليك أن تغضب أو تؤذى ... وهي الآن تسمع بشرى وصولك ..... تسأل سؤال فرح وتعليل للنفس لا سؤال تأكيد واستيقان .. فإن ولدان أهل الجنة لا يكذبون .. فتقف على أسكفة بابها, تخرج فرحة , مرحة , طربه , وهنا المفارقة المفرحة لا تستطيع الخروج أكثر لأنها وصاحباتها{ حور مقصورات في الخيام }فمن فرحها خرجت , ومن نقائها وقفت ,.
* ثم تتابعدت المبشرات نداء الحق لأهلي الجنة بأجمل بشارة يسمعها منذ عرف الوجود ودان للمعبود قال تعالى {ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون}
تدخ ل الجنة أنت وزوجتك المسلمة البتول الودود التي كانت لك نعم العون على دينك
*** هيئة هؤلاء وهم يدخلون الجنة ..
* اندهاش خزنة الجنة من هذا الفوج السابق ..
وبعد الاستقبال الحافل من الخزنة ثم الولدان المخلدين لموكبك الرحيب .. تبدأ وصحبك الأخيار كل في موكبه , فتدخلون ولكن شاهد منظرك , مقدار حسنك ربما على المرايا المبثوثة هنا وهناك .. انظروا إلى بعضكم بعد أن جرت عليكم نظرة النعيم وتقلب طرفك لترى وجهك في وجه أخيك من شدة الصفاء , وترى نفسك في المرايا المنتشرة هنا وهناك فما ترى إلا وجوها نضرة ضاحكة مستبشرة ... ثم تعيد النظر في وجوه أصحابك ... فما ترى ؟ إن كل شيء يغيب فلا ترى في الوجه إلا الجمال المحض , والصفاء الخالص قال تعالى {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} فوجوههم مزهرة , وأفواههم ضاحكة , وأفئدتهم مستبشرة . وانتم في جميع حالاتكم متقابلون .. على أشرف أحوال الاجتماع قال تعالى { لا يمسهم فيها نصب}فأنتم مع هذا الجمال والنعيم لا يمسكم أي نصب ولا هم . فإنكم تدخلون الجنة (جردا , مردا , بيضا ,جعادا , مكحلين , أبناء ثلاث وثلاثين ,وهم على خلق اْْدم : ستون ذراعا في السماء في عرض سبعة أذرع )
* نداء الجليل المتعالي لهم وهم يدخلون الجنة :
قال تعالى {ادخلوها بسلام امنين } وقال عز في علاه {ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود }
ويكرر النداء كتكرير أهازيج الأفراح, وزغاريد الأعراس يكرر وأنتم تساقون إلى الرحمن.
يكرر لأنكم سلمتم من عذاب الله عز وجل فسلم عليكم الجبار عز وجل ...
*** لا تحتاج إلى من يدلك على مملكتك فأنت تعرف طريقك إليها ,
ها نحن موكب زمرة أهل الجنة وقد اجتازت عتبات الباب .. هنا تنفصل موكب أهل الجنة الداخلين إذ بتقدم كل واحد مع موكبه من الملائكة والخدم نحو مملكته الخاصة من قصور وبساتين وأنهار .. وعندها يتقدمون قال تعالى {يهديهم ربهم بإيمانهم }إذيقذ في قلوبهم مكان مملكة كل واحد في الجنة بالتحديد ..
وبماذا حلف صلى الله عله وسلم{فوا لذي نفس محمد بيده لأحدكم بمسكنة في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا } قال تعالى { سيهديهم ويصلح بالهم , ويدخلهم الجنة عرفها لهم} عرف لهم مواضعها وأماكنها حتى قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا ...
*** أبواب الجنة التي تفتح وتغلق تلقائيا :
والآن وقد أصبحت في دار المقامة , في جنات عدن ..وأرت أن تذهب لقصرك ستراها مفتحة تصور هذا إنما قال سبحانه {مفتحة}.. ولم يقل سبحانه مفتوحة لأنها تنفتح بالأمر
أو مجرد التقدم لا بالمس .. قال الحسن (تكلم : انفتحي فتنفتح , انغلقي فتنغلق .. فأبوابها تنفتح لهم بغير فتح سكانها إياها ) هكذا كانت مسألة الفتح الآلي للأبواب معلنا عنها القران قبل أن تصل للبشر ..
وهي دار الأمن والسلام فلا تحتاجون فيها إلى غلق الأبواب كما كنتم في الدنيا إلا أن الفتح والإغلاق لتلذذ والتنعم .....
** أيا خاطب الجنة هاهنا راحة الأجساد تجنيها بلذة العبادة **
*** قصور ومنازل أهل الجنة ........
وأول نظرة منك كانت إلى أساسات قصور هذه المملكة وكيف بنيت , كما يفعل أهل الدنيا في الدنيا , يطمئنون على أساسات البناء .. ويصف النبي صلى الله عليه وسلم هذه اللحظات المثيرة فيقول (( فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنائه فإذا هو جندل . اللؤلؤ .. فوقه صرح أخضر, وأصفر , وأحمر, ومن كل لون )) .. أقرب ما يكون إليك هذا الجمال البديع الذي لا يوصف , منظر طيف الألوان الذي وقد كسا السماء بعد المطر.
* ونظر إلى سقفه فهو واجهة القصر ومنبع زينته , ومكمن جماله .. (( ثم رفع رأسه فنظر فيه فإذا مثل البرق )) يتميز بلون شديد اللمعان .. من جماله وبريق لونه , وشدة صفائه , فلولا أن ثبت الله عز وجل بصرة لذهب من شدة لمعانة وجماله ..
*** رائحة قصورها :ــ
والقصور التي يحلون فيها لها رائحة جميلة لا توصف تتجدد بالمسك قال تعالى: {فيهما عينان نضاختان } قال انس رضي الله عنه : {نضاختان}أي بالمسك والعنبر
تنضخان على دور أهل الجنة كما ينضح المطر على دور أهل الدنيا ..
* قصورك وترتيب الغرف بداخلها ...
وفي قصر من قصورك البديعة رأيت عدة خيام .. قف لا تضنها خيمة كخيام الدنيا , فإنها تختلف , عنها شكلا ومضمونا فإن (الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا )) ,
وتطوف عليها لتجد (( في كل زاوية منها .. أهل يطوف عليهم ..لا يراهم الآخرون .))
والغرف مبنية بناء حقيقا على أجمل نسق .. فإن ربي عز وجل يقول ..{لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية } فأخبر أنها غرف فوق غرف .. وتظهر والله أعلم كأنها غرف مستقلة وليست بناء لأدوار يرى مجموعها ولا ترى أفرادها , وكأن لهم
منازل مرتفعة , وفوقها منازل أرفع منها ..وفي هذا إشعار بسعة عظيمة من المساحة التي للقصور
* وبعض الغرف (يرى ظهورها من بطونها ) .. (وبطونها من ظهورها ) .. وارقب نموذج مصغرا لها في البيوت الزجاجية التي يتنافس عليها أهل الدنيا .. هذه في الدنيا فكيف بما أعد الله لعباده المصطفين في العقبى ؟....
*** بناؤها وخيامها :
* بناء الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملا طها المسك .. كما أخبر صلى الله عليه وسلم ( لبنة ذهب ولبنة فضة , وملاطها المسك الأذفر ـ طينتها التي بين لبناتها المسك الذي اشتدت رائحته ـ .. وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت .. وغرفها يرى داخلها من خارجها وخارجها من باطنها)..قال تعالى{لكن الذين اتقوا ربهم,لهم غرف من فوقها غرف مبنية}
*ومن مساكنها الخيام : وللمؤمن من خارج قصره خيمة ليست من قماش ولا من جلد إنما من لؤلؤ مجوف قال صلى الله عيه وسلم { إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا وعرضها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون }
** (( إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من الشرق أو المغرب ))
(( وإنها كما أخبر صلى الله عليه وسلم . لرجال اْْْْْْْْْْْْْمنوا بالله وصدقوا المرسلين ))
فهل من مشمر للجنة إنها الأعمال الصالحة يا إخوان
** ولنتابع لحظت اللقاء وهو داخل إلى قصره ..فما إن متع نظره بالخارج حتى دخل إلى داخل قصره .. ليشهد الأثاث الجاهز . وليتمتع . برؤية أهل الدار , وليستلذ بالنظر إلى أزواجه .. (فلما طأطأ رأسه فنظر إلى أزواجه) . يا قرة العين . ويا لذة النفس .. ولشوق النفوس بهن .. وأنس الأرواح بدلهن وجمالهن , وهيجان القلوب بالسكنى معهن دوره في الوصف .. فلنتركه الحديث عنهن الآن فسيمر علينا وصفهن لاحقا ....
قال تعالى {وسارعوا إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين}
إذا دخلتم الجنة رفعت الجنة لأهل النار فنظروا إلى منازلهم فيها فقيل لهم : هذه منازلكم لو عملتم بطاعة الله . يا خيبة المتحسرين . ثم يقال لكم معاشر أهل الجنة : فل ترثوهم بما كنتم تعملون. فتقسم بين أهل الجنة منازلهم .قال تعالى{وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون}
*** خدمة الولدان .. من أعظم النعيم في الجنة :
** ولا تدري بأي نعيم تلتذ, وأي صور من صوره يصرف نظرك :أهي الكؤوس , أم ما فيها من شراب يمتع النفوس , أم من يقدمها من الخدم .. فإن الذي يطوف عليهم بها هم أولاد قال تعالى { ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا } ..
* ولدان خدام باقون على ما هم عيه من الشباب , والغضاضة والحسن .لا يتغيرون عنها
على مرور الأزمنة على حالة واحدة لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ..وتتأمل في لباسهم , فتراهم مسورين مقرطين , وتتبع بصرك فتراهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة , وكثرتهم , وصباحة وجوههم , وحسن ألوانهم , تظنهم لؤلؤا منثورا , متفرقا في ساحات المجلس , واللؤلؤ إذا نثر على بساط كان أحسن منه منظوما..
*** قال تعالى { لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد }
وفي جلسة على الأرائك بين النمارق المصفوفة والأكواب الموضوعة .. وأحيانا وأنت تتنزه في بساتينك بين الرياض النضرة ... وأحيانا وأنت مع أصحابك .. تفكر بنعيم جديد
تشتهيه وتطلبه ومع توالي المشتهيات .. وتوفر سائر الملذات .. فكرت فماذا يوجد في الجنة غير ذلك ؟.. يأتيك الجواب بطرحه خاطرك .. أو تذكره لك خدمك : قال تعالى{ لهم ما يشاءون فيها } فهما اخترتم وجدتم ..من أصناف الملذات . ((حتى إن من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول : (ماذا تريدون فأمطره لكم فلا يدعون بشي إلا أمطرتهم )
تمتع بعض رواة هذا الحديث بذلك واستلذ حتى قال: لئن أشهدني الله تعالى ذلك لأ قولن
أمطرينا جواري مزينات )) ......
* أتتمنى لحم طير ؟ إنك لتشهي الطير في الجنة فيخر بين يديك مشويا إذا اشتهيته ...
*(( إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله , ووضعه , وسنه ,في ساعة واحدة كما يشتهيه )) قال تعالى { فيها ما تشهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون}..
قال تعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا}..
*** والجنة جنة عالية , رفيعة قصورها , حسان حورها , نعيمة دورها , دائم حبورها ,
قال تعالى { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون }...
قال صلى الله عليه وسلم ( موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الجنة وما عليها ) ..
ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس ضوء
النجوم) ......
*** ويكفي أن تعلم سعة مملكتك بعلمك أن .... ؟
(( أن أدنى أهل الجنة لينظر في ملكة ألفي سنة .. يرى أقصاه كما يرى أدناه .. ينظر لأزواجه وخدمه )) قال تعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبير}..
وهناك نعيم لا يمكن أن تدركه هنا بل في الجنة تهيأ لإدراكه هناك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ...
وما إن وصلت إلى مكان يمكنك أن ترى سقف الجنة فأعطيت ذلك .. نظرت فلم تستطع الإحاطة بكنهه اتساعا , وعلوا , وجمالا , ... وأخبرت أنه سقف الرحمن ...وإذا كانت المخلوقات كلها بالنسبة إليه كحلقة ملقاة في فلاه. فسبحان خالقه الذي يعلم طوله وعرضه.
فسر في الطريق المستقيم إلى العلا
على الصدق والإخلاص والبر والتقى
وإيـاك والـدنـــيا الغــرور فـإنـها
متاع قــلـيل مالها أبدا بــــــــقــــا
*** قال تعالى { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا }
*** سررها التي يتكئون عليها و فرشها وبطائنها:ـ
*وفيها فرش وبطائن وزرابي قال تعالى { متكئين على فرش بطائنها من إستبرق}
عن عبد الله قال (هذه البطائن خبرتم بها كيف بالظواهر) .
* وفيها سرر مرفوعة متكئين عليها متقابلين تمشي بالمؤمن حيث شاء من الجنة..
قال تعالى{ فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة } والنمارق :هي الوسائد .والزرابي البسط .
تراهم هناك متكئون { على سرر موضونة } {متكئين عليها متقابلين }...
متكئين على سرر منسوجة بالذهب واللؤلؤ .. ومشبكة بالدر والياقوت والزبرجد ..وهي مأخوذة من السرور .. فهي للمترفين من ذوي النعم . ثم نظرت إليها فإذا هي مرفوعة عن الأرض . فأنتم بها في رفعة حسية , وعلو معنوي ونفسي . وكرامة تامة . وإنما كانت مرتفعة ارتفاعا عظيما ليرى ولي الله ومن معك ما آتاك الله عز وجل من ملك فتسير فيه بين أوديته وأشجاره وأنت على سريرك تقطف الثمر وتشرب الماء وتشتهي الطير فيخر بين يديك مشويا تأكله وأنت تطوف بهذه السرر أنت ومن معك من صحب أو زوجات , يا متقابلين عليها إنها وجوه بعضها إلى بعض ليس أحد وراء أحد .. من حبهم ولهفتهم وشوقهم إلى أصحابهم .. فكيف يكون الأمر مع أهاليهم ؟ راحة وخلو بال من الهموم والمشاغل .. , وفي طمأنينة على ما هم فيه من نعيم , لا خوف من فوته ولا نفاذه , {يطوف عليهم ولدان مخلدون }{ بأكواب وأباريق وكأس من معين }...
*** لحم الجنة وطيورها !.........
ثم قدمت لك المائدة بأطايب الطعام وألوانها مما لم يعهد وكان من أبرز ذلك ما اشتهيت من لحم ضأن , وقد تقول معها ما وصفه الله عز وجل {ولحم طير مما يشتهون } . وتعجبت منها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يصفها فيقول : (( إن طير الجنة كأمثال البخت يرعى في شجر الجنة )) .. وقد أدهشك ما رأيت من نعومة هذه الطير حتى أن أبا بكر الصديق لما سمع وصفها أعلن دهشته وقال : يا رسول الله إن هذه لطير ناعمة !.. فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بما يبشرك ويسرك ويشوقك ويمتعك :
(( إن آكلها أنعم منها .. إن آكلها أنعم منها .. إن آكلها أنعم منها , وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر)هكذا يكرر النبي صلى الله عليه وسلم وصفه لمدى نعومة آكلها... وتابعة هذه الطيور وهي ترفرف وتشد الأبصار بجمالها , وتنوع ألوانها , فإذا هي تحط على نهر الكوثر ... النهر الذي تراه أمامك (( أشد بياضا من اللبن , وأحلى من العسل ))
ولكن بصرك ينشد مع الطير فإذا هي (( أعناقها كأعناق الجزر)).. فيا لنعومتها , وكما أن الثمار دانية فكذلك هذه الطيور التي تراها فتود من جمالها ونعومتها أن تأكلها فورا فإذا هي تجري لتقع بين يديك مشوية ..فكلوا هنيئا مريئا .. كما أخبر الذي لا ينطق عن الهوى (إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا ) .. فأي نعيم هذا؟!...
** ما أعلى أهل الجنة منزلة ؟!
سأل موسى عليه السلام وطلب من ربه تعالى أن يصف له منزلة أعلى أهل الجنة قال الله عز وجل له : (( أولئك الذين أرت .. غرس كرامتهم بيدي , وختمت عليها .. فلم تر عين,
ولن تسمع أذن , ولم يخطر على قلب بشر .. )) قال تعالى { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين }...........
قال تعالى {ومن يطع الله والرسول فؤلئك مع الذين أنعم الله عيهم من النبيين والصديقين والشهداء والصلحين وحسن ألئك رفيقا {79} ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما }
***وقفة مع قصة النجدي وصاحب الأبواب السبعة في السماء:ــ
** جاء في قصة النجدي أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد فأخذ يقترب من النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ أصحابة يبعدونه عنه فقال صلى الله عليه وسلم دعولي النجدي فالذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة : قال فلقوا العدو فاستشهد ذلك النجدي فأخبر بذلك النبي صلي الله عليه وسلم فأتاه فقعد عند رأسه مستبشرا و قام مسرورا يضحك . ثم أعرض عنه . فقلنا يا رسول الله رأيناك مستبشرا تضحك ثم أعرضت عنه قال . أما ما رأيتم من استبشاري قال من سروري مما رأيته من كرامة روحة على الله .وأما أعراضي عنه فإن زوجته من الحور العين الآن عند رأسه .
اللهم إنا نسألك من فضلك العظيم